كوينتن بيش: سيد صناعة العطور الحديثة

عندما يتحدث كوينتين بيش عن العطر، يبدو الجو نفسه متغيرًا. هناك شرارة في الهواء - تيارٌ ملموس من الطاقة - لا يُولّده إلا الشغف الحقيقي. هذا الحماس الجذاب هو ما حوّل طالب موسيقى ومديرًا فنيًا لفرقة مسرحية إلى أحد أكثر الأسماء رواجًا في عالم العطور الحديث.

وُلد كوينتين في ستراسبورغ، فرنسا، وكانت رحلته في عالم العطور مفاجئة وملهمة في آنٍ واحد. كانت فترة تدريب لمدة شهر في غراس، القلب النابض لصناعة العطور، كافيةً لإشعال شغفٍ دائمٍ به. وسرعان ما التحق بمدرسة جيفودان للعطور المرموقة، حيث كرّس نفسه بالكامل لفن تركيب العطور.

لا تزال روح كوينتن الإبداعية متجذرة في الفنون. فهو يُبدع عطوره كما يُبدع مخرج مسرحي في عرضه - بأفكار جريئة، وتفاصيل دقيقة، وعناصر مفاجأة تترك انطباعًا لا يُنسى. وقد قال: "من المثير أن نخلق الجمال والإثارة والعاطفة من اللامرئي". وتُثبت إبداعاته ذلك مرارًا وتكرارًا.

على مر السنين، أبدع كوينتين بيش بعضًا من أشهر العطور في عصرنا. وتمتد أعماله إلى مصممين عالميين وعلامات تجارية مرموقة، بما في ذلك جان بول غوتييه، وباكو رابان، وسان لوران، وأزارو، وموغلر، وكلوي، وإكس نيهيلو. مع كل علامة تجارية، يتكيف بيش بسلاسة، جامعًا رؤيته الفنية مع هوية الدار - موهبة نادرة لا تُقدر بثمن في صناعة غالبًا ما تتأرجح بين الفن والتجارة.

من بين أشهر إبداعاته سلسلة ديلينا من بارفان دو مارلي، وهي تجربةٌ احترافيةٌ في استخدام الورد التركي، وهو مكونٌ معروفٌ بصعوبته، ولكنه، بين يديه، يُضفي إشراقةً وعصريةً. وهو أيضًا مُبتكر عطور كارولينا هيريرا " الفتاة الطيبة" و "الولد الشرير" ، وجان بول غوتييه " لا بيل" و "لو بو" ، وباكو رابان "ون مليون بارفان" و "بيور إكس إس فور هير" ، وجميعها أصبحت من كلاسيكيات العطور المعاصرة.

حاز بيش على جائزة أفضل صانع عطور عام ٢٠٢٠، وهو يواصل تجاوز حدود الفن العطري. يُعرف بنفحاته الجريئة وعمقه العاطفي، ويصف نفسه بأنه يسعى للكمال، دائم التطور، مُبدعٌ بلا حدود، باحثًا عن تحفة فنية جديدة لا تُنسى.

مع اقترابه من عيد ميلاده الأربعين، يتأمل بيش في مسيرة مهنية زاخرة بالحدس والصدق والرغبة الدائمة في التأثير على الناس من خلال العطور. مع كل ابتكار، يُذكرنا بأن صناعة العطور الحقيقية لا تقتصر على العطور فحسب، بل تشمل أيضًا سرد القصص والعواطف والسحر الساحر لترجمة ما هو خفي إلى تجارب حسية لا تُنسى.

كوينتن بيش لا يكتفي بصنع العطور، بل يُركّبها. والعالم يُنصت.